الإستدامة المجتمعية: ركيزة العدالة و التماسك في مجتمعات المستقبل
إكتشف كيف تسهم العدالة، والمشاركة المجتمعية في بناء مجتمعات مستدامة
فهم البُعد الإنساني للتنمية المستدامة: ما هي الإستدامة المجتمعية؟
غالبًا ما تُفهم الاستدامة من منظور بيئي أو اقتصادي، لكن هناك ركيزة ثالثة لا تقل أهمية: الاستدامة المجتمعية. فما هي الاستدامة المجتمعية؟ هي قدرة المجتمعات على الحفاظ على رفاه الأفراد وتعزيزه عبر الأجيال من خلال ترسيخ العدالة، والاندماج، والمساواة، وبناء رأس المال الاجتماعي والثقة المؤسسية.
وعلى عكس الاستدامة البيئية التي تركز على الموارد الطبيعية، أو الاستدامة الاقتصادية التي تعنى بالنمو طويل المدى، تُسلّط الاستدامة المجتمعية الضوء على العلاقات الإنسانية، وتنمية المجتمعات، وبناء مجتمعات متماسكة قادرة على التعايش والتطور.
لماذا تُعد الاستدامة المجتمعية ضرورية؟
تكمن أهمية الاستدامة المجتمعية في قدرتها على تعزيز الاستقرار المجتمعي والمرونة أمام التحديات. فحتى أفضل المبادرات البيئية والاقتصادية قد تنهار أمام فجوات العدالة الاجتماعية أو غياب التماسك المجتمعي.
تتميّز المجتمعات المستدامة اجتماعيًا بـ:
- فرص متساوية للجميع بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الوضع الاقتصادي
- مساكن مستقرة وخدمات أساسية متاحة
- ممارسات عمل عادلة وظروف آمنة
- حماية للهوية الثقافية وحقوق المجتمعات الأصلية
- قنوات فعّالة للمشاركة المدنية واتخاذ القرار
الركائز الخمس للاستدامة الاجتماعية
لإدراك ما تعنيه الاستدامة المجتمعية، علينا أن نُحلل أركانها الأساسية، والتي تشمل:
- العدالة الاجتماعية والاندماج: ضمان توزيع الفرص والموارد بعدالة، وإزالة العوائق النظامية أمام الفئات المُهمشة.
- الصحة والرفاه: الاهتمام بالصحة الجسدية والنفسية، وتوفير بنية تحتية صحية عادلة، وبيئة مجتمعية آمنة.
- التعليم والتعلّم مدى الحياة: إتاحة التعليم الجيد، وتعزيز التعلم المستمر كوسيلة للتنمية الشخصية والمجتمعية.
- التماسك المجتمعي والحيوية الثقافية: الاعتراف بالتنوع الثقافي، وحماية التراث واللغات، وبناء روابط مجتمعية قوية.
- المشاركة والحَوكمة: تمكين الأفراد من المساهمة في اتخاذ القرار، وتعزيز الشفافية والثقة في المؤسسات.
الاستدامة المجتمعية في الممارسة العملية
في التخطيط الحضري: مدن مستدامة اجتماعيًا توفر سكنًا ميسور التكلفة، ونقلًا عامًا فعالًا، ومساحات خضراء، ومراكز مجتمعية تدعم الدمج المجتمعي.
في استراتيجيات الشركات: ممارسات العمل الأخلاقية، وتوظيف التنوع، والاستثمار المجتمعي، تُعد من أسس المسؤولية الاجتماعية التي تدعم الاستدامة.
في التعليم: دمج مفاهيم العدالة والمواطنة العالمية في المناهج التعليمية يُعِد الأجيال القادمة لتكون فاعلة في بناء مجتمعات عادلة.
تحديات تحقيق الاستدامة المجتمعية
رغم الوعي المتزايد، لا تزال هناك تحديات مثل:
- الفقر وعدم المساواة في الدخل
- تهميش بعض الفئات في عمليات اتخاذ القرار
- التركيز على المكاسب قصيرة الأجل
- الصراعات، التهجير، والكوارث الطبيعية التي تُفكّك المجتمعات
و تتطلب مواجهة هذه التحديات سياسات متكاملة، والتزام طويل الأمد، وتعاون بين القطاعات كافة.
كيف نقيس الاستدامة المجتمعية؟
رغم صعوبة قياسها كمفهوم، إلا أن هناك أدوات ومؤشرات تساعد في تتبّع التقدّم:
- مؤشر التقدم الاجتماعي (SPI)
- معامل جيني لقياس التفاوت
- مؤشر التنمية البشرية (HDI)
- تقييمات مرونة المجتمعات المحلي
الاستدامة المجتمعية وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (SDGs)
ترتبط العديد من أهداف التنمية المستدامة بشكل مباشر بالبعد الاجتماعي، ومنها:
- القضاء على الفقر (الهدف 1)
- الصحة الجيدة والرفاه (الهدف 3)
- التعليم الجيد (الهدف 4)
- المساواة بين الجنسين (الهدف 5)
- تقليص الفجوات (الهدف 10)
- مدن ومجتمعات مستدامة (الهدف 11)
- السلام والعدل والمؤسسات القوية (الهدف 16)
مستقبل الاستدامة المجتمعية
مع ما يشهده العالم من تغيرات مناخية، وأزمات صحية، وتحوّلات رقمية، تزداد أهمية بناء مجتمعات مرنة وشاملة. فالمستقبل يتطلب أنظمة تحترم الإنسان، وتُمكّن الأفراد، وتُتيح لهم العيش بكرامة.
توفر التكنولوجيا والبيانات أدوات جديدة لتعزيز الشفافية، لكن يجب استخدامها بمسؤولية لتجنّب تعزيز الفجوات الحالية.
الخلاصة
تُعد الاستدامة المجتمعية العمود الفقري لمجتمع عادل، متماسك، وقادر على التكيّف. هي ما يضمن أن لا يقتصر النمو على الجانب الاقتصادي أو البيئي فقط، بل يشمل الكرامة الإنسانية، والمساواة، والانتماء.
إن الاستثمار في الاستدامة المجتمعية هو استثمار في الناس، في العدالة، وفي مستقبل أكثر توازناً للجميع.
بادر الآن و سجّل في دورات آزتك التدريبية في التنمية المستدامة – و تعلّم كيف تتحوّل الاستدامة من التزام إداري إلى ميزة تنافسية استراتيجية،
